إدارة ترامب “مستعدة” لإنقاذ الرجل الذي سلّم إيلون ماسك منشارًا

خطة إنقاذ الولايات المتحدة لاقتصاد الأرجنتين: تفاصيل الصفقة والدعم السياسي
فشلت إجراءات التقشف القاسية التي فرضها الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي في إنقاذ اقتصاد البلاد المنهار. لكن يبدو أن الزعيم اليميني المتطرف على وشك الحصول على خطة إنقاذ من حلفائه الأثرياء في الولايات المتحدة، في خطوة تبدو مختلفة تماماً عن خطاب “المناشير” الذي اشتهر به.
تفاصيل خطة الإنقاذ الأمريكية
أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب خلال ظهوره في الأمم المتحدة يوم الاثنين نيتها تقديم يد العون للاقتصاد الأرجنتيني المتعثر. وجاء التفصيل الأهم من وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت يوم الأربعاء، الذي أكد أن المساعدة في طريقها إلى بيونس آيرس.
وكتب بيسنت على منصة (X): “تجرى الخزانة حالياً مفاوضات مع المسؤولين الأرجنتينيين لفتح خط مقايضة بقيمة 20 مليار دولار مع البنك المركزي. نحن نعمل بالتنسيق الوثيق مع الحكومة الأرجنتينية لمنع التقلبات المفرطة في السوق”.
وأضاف: “بالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة مستعدة لشراء الديون الحكومية سواء في السوق الأولية أو الثانوية، ونعمل مع الحكومة الأرجنتينية لإنهاء الإعفاء الضريبي لمنتجي السلع الأساسية عند تحويل العملات الأجنبية”.
الربط بين الدعم ونتائج الانتخابات
كما أوضح تقرير نشرته مجلة “بارونز”، فإن خط المقايضة البالغ 20 مليار دولار سيمكن الأرجنتين من الوصول إلى الدولار الأمريكي. لكن بيسنت اتخذ خطوة “غير اعتيادية” بربط تقديم الدعم المستقبلي بنتائج الانتخابات التشريعية المقررة في 26 أكتوبر، والتي سيتم خلالها اختيار نصف أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ.
ولم يحدد بيسنت صراحة ما يعنيه بـ”نتيجة انتخابية إيجابية” في تغريدته، لكن من الواضح أنه يشير إلى أداء جيد لحلفاء الرئيس ميلي. وقد أوضح ذلك أكثر خلال ظهوره على قناة “فوكس بزنس” صباح الأربعاء.
ثقة واشنطن في سياسات ميلي
قال بيسنت لمقدمة البرنامج ماريا بارتيرومو: “الخطة هي، طالما يواصل الرئيس ميلي سياساته الاقتصادية القوية، مساعدته لاجتياز فترة الانتخابات… نحن لن نسمح بحدوث اختلال في السوق يؤدي إلى تعطيل إصلاحاته الاقتصادية الجوهرية”.
وأضاف: “لا أعتقد أن السوق فقد الثقة فيه. أعتقد أن السوق ينظر في المرآة الخلفية إلى عقود، إن لم يكن قرناً، من سوء الإدارة الأرجنتيني المرعب، والناس قلقون ومتوترون”.
واعترف بيسنت بأنه من الصعب على الناس تصديق أن “الوضع مختلف هذه المرة” مع إصلاحات ميلي، لكنه أصر على أن “الأمر مختلف بالفعل”.
فشل سياسات التقشف وتراجع الشعبية
قبل عامين، كان الشعب الأرجنتيني مستعداً لمنح ميلي فرصة، حيث لم يبدُ أن أي شيء قادر على إنقاذ البلاد من براثن التضخم المدمر. لكن بحسب كل المؤشرات، لم تؤد سياسات الزعيم اليميني المتطرف سوى إلى تفكيك مؤسسات الدولة مع إلحاق الضرر بالفقراء.
فقد خسر حزب “تقدم الحرية” التابع لميلي الانتخابات المحلية في مقاطعة بيونس آيرس في بداية الشهر الجاري، حيث حصل على 34% من الأصوات فقط مقابل 47% لخصومه من اليسار. وكان الاقتصاد سبباً رئيسياً في هذه النتيجة، حيث أظهرت استطلاعات الرأي المحلية أن حوالي 60% من الأرجنتينيين يشعرون أن الاقتصاد في وضع أسوأ الآن مقارنة بالعام الماضي.
دعم ترامب وحلفاء ميلي الأمريكيين
يشتهر ميلي بين الأمريكيين كزعيم غريب الأطوار ذي sideburns ضخمة، يظهر دائماً وهو يحمل منشاراً. وهو الذي سلم إيلون ماسك منشاراً على خشبة المسرح خلال مؤتمر CPAC في فبراير الماضي، كما ظهر في صور بجانب روبرت كينيدي الابن، وزير الصحة والخدمات البشرية، وهو يحمل المنشار.
من جهته، عبر الرئيس ترامب عن دعمه لميلي يوم الثلاثاء، وإن بدا مرتبكاً بعض الشيء بشأن التفاصيل. فقد كتب ترامب أن ميلي “يتقدم على جميع المستويات بسرعة قياسية”، واتهم رئيساً يسارياً سابقاً بالتسبب في تضخم الأرجنتين، وأصر على أن ميلي “أعاد الاستقرار إلى اقتصاد الأرجنتين ورفعه إلى مستوى جديد من البروز والاحترام”.
ومن الملفت أن ترامب منح ميلي “تأييده الكامل والمطلق لإعادة انتخابه”، على الرغم من أن ميلي لا يخوض الانتخابات الرئاسية في أكتوبر المقبل.
تجاهل الحلفاء التقليديين
ويبدو أن دعم ترامب لميلي يأتي على حساب الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة. فقد أفادت تقارير أن ترامب التقى بميلي على هامش اجتماعات الأمم المتحدة يوم الاثنين، بينما تم تجاهل قادة أستراليا ونيوزيلندا، وهما دولتان في تحالف “العيون الخمس” الاستخباراتي، ويُعتبران أساسيين لمواجهة النفوذ الصيني في جنوب المحيط الهادئ.
يبقى السؤال: هل سيكون تدخل ترامب كافياً لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الأرجنتيني لفترة تسمح لميلي بمتابعة تجربته في الاقتصاد الليبرتي؟ الجواب غير واضح بعد، لكن ما هو مؤكد أن الطرفين سيحاولان ذلك بكل قوة.